فصل: الآية (58)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيات 51 - 53

أخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏قدم حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف، مكة على قريش فحالفوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لهم‏:‏ أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب، فأخبرونا عنا وعن محمد قالوا‏:‏ ما أنتم وما محمد‏؟‏ قالوا‏:‏ ننحر الكوماء، ونسقس اللبن على الماء، ونفك العناة، ونسقي الحجيج، ونصل الأرحام‏.‏ قالوا‏:‏ فما محمد‏؟‏ قالوا صنبور قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج بنو غفار‏.‏ قالوا‏:‏ لا بل أنتم خير منهم وأهدى سبيلا‏.‏ فأنزل الله ‏{‏ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى آخر الآية‏"‏‏.‏

وأخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة مرسلا‏.‏

وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش‏:‏ أنت خير أهل المدينة وسيدهم‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالوا‏:‏ ألا ترى إلى هذا المنصبر المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج، وأهل السدانة، وأهل السقاية‏!‏ قال‏:‏ أنتم خير منه‏.‏ فأنزلت ‏(‏إن شائنك هو الأبتر‏)‏ ‏(‏الكوثر الآية 3‏)‏ وأنزلت ‏{‏ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت‏}‏ إلى قوله ‏{‏نصيرا‏}‏‏.‏

واخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش، فاستجاشهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرهم أن يغزوه وقال‏:‏ إنا معكم نقاتله‏.‏ فقالوا‏:‏ إنكم أهل كتاب وهو صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم، فإن أردت أن تخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل‏.‏ ثم قالوا‏:‏ نحن أهدى أم محمد، فنحن ننحر الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونصل الرحم، ونقري الضيف، ونطوف بهذا البيت، ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده‏.‏ قال‏:‏ بل أنتم خير وأهدى‏.‏ فنزلت فيه ‏{‏ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال‏:‏ أنزلت في كعب بن الأشرف قال‏:‏ كفار قريش أهدى من محمد عليه السلام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي عن أبي مالك قال‏:‏ ‏"‏لما كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واليهود من النضير ما كان، حين أتاهم يستعينهم في دية العامريين فهموا به وبأصحابه، فاطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، هرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة، فعاهدهم على محمد فقال له أبو سفيان‏:‏ يا أبا سعيد إنكم قوم تقرأون الكتاب وتعلمون ونحن قوم لا نعلم، فأخبرنا ديننا خير أم دين محمد‏؟‏ قال كعب‏:‏ اعرضوا علي دينكم‏.‏ فقال أبو سفيان‏:‏ نحن قوم ننحر الكوماء، ونسقي الحجيج الماء، ونقري الضيف، ونحمي بيت ربنا، ونعبد آلهتنا التي كان يعبد أباؤنا، ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه‏.‏ قال‏:‏ دينكم خير من دين محمد فاثبتوا عليه، ألا ترون أن محمدا يزعم أنه بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء، وما نعلم ملكا أعظم من ملك النساء‏.‏ فذلك حين يقول ‏{‏ألم تر نصيبا إلى الذين أوتوا نصيبا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع، والربيع بن أبي الحقيق، وعمارة، ووحوح بن عارم، وهودة بن قيس‏.‏ فأما وحوح بن عامر وهودة فمن بني وائل، وكان سائرهم من بني النضير، فلما قدموا على قريش قالوا‏:‏ هؤلاء أحبار يهود، وأهل العلم بالكتاب الأول، فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد‏؟‏ فسألوهم فقالوا‏:‏ بل دينكم خير من دينه، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه‏.‏ فأنزل الله فيهم ‏{‏ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب‏}‏ إلى قوله ‏{‏ملكا عظيما‏}‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ لما كان من أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان، اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة وكان بها، وقال‏:‏ لا أعين عليه، ولا أقاتله‏.‏ فقيل له بمكة‏:‏ يا كعب أديننا خير أم دين محمد وأصحابه‏؟‏ قال‏:‏ دينكم خير وأقدم، ودين محمد حديث‏.‏ فنزلت فيه ‏{‏ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال‏:‏ ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في كعب بن الأشرف، وحيي بن أخطب، رجلين من اليهود من بني النضير، أتيا قريشا بالموسم فقال لهم المشركون‏:‏ أنحن أهدى أم محمد وأصحابه، فإنا أهل السدانة، والسقاية، وأهل الحرم‏؟‏ فقالا‏:‏ بل أنتم أهدى من محمد وأصحابه، وهما يعلمان أنهما كاذبان إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة قال‏:‏ الجبت والطاغوت‏:‏ صنمان‏.‏

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ورستة في الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏:‏ الجبت الساحر، والطاغوت الشيطان‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طرق عن مجاهد‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ الجبت حيي بن أخطب، والطاغوت كعب بن الأشرف‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ الجبت الأصنام، والطاغوت الذي يكون بين يدي الأصنام، يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ الجبت اسم الشيطان بالحبشية، والطاغوت كهان العرب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال‏:‏ الجبت الشيطان بلسان الحبش، والطاغوت الكاهن‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال‏:‏ الجبت الساحر بلسان الحبشة، والطاغوت الكاهن‏.‏

واخرج عن أبي العالية قال‏:‏ الطاغوت الساحر، والجبت الكاهن‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال‏:‏ كنا نحدث أن الجبت شيطان، والطاغوت الكاهن‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ليث عن مجاهد قال‏:‏ الجبت كعب بن الأشرف، والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان‏.‏

واخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم عن قبيصة بن مخارق أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت‏"‏‏.‏

وأخرج رستة في الإيمان عن مجاهد في قوله ‏{‏ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا‏}‏ قال‏:‏ اليهود تقول ذاك، يقولون‏:‏ قريش أهدى من محمد وأصحابه‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏أم لهم نصيب من الملك‏}‏ قال‏:‏ فليس لهم نصيب، ولو كان لهم نصيب لم يؤتوا الناس نقيرا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول‏:‏ لو كان لهم نصيب من ملك إذن لم يؤتوا محمدا نقيرا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق خمسة عن ابن عباس قال‏:‏ النقير‏:‏ النقطة التي في ظهر النواة‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن النقير‏؟‏ قال‏:‏ ما في شق ظهر النواة، ومنه تنبت النخلة‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت قول الشاعر‏:‏

وليس الناس بعدك في نقير * وليسوا غير أصداء وهام

وأخرج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قول الله ‏{‏فإذا لا يؤتون الناس نقيرا‏}‏ ما النقير‏؟‏ قال‏:‏ ما في ظهر النواة، قال فيه الشاعر‏:‏

لقد رزحت كلاب بني زبير * فما يعطون سائلهم نقيرا

وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال‏:‏ هذا النقير، ووضع طرف الإبهام على باطن السبابة ثم نقرها‏.‏

الآيتان 54 - 55

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏أم يحسدون الناس‏}‏ قال‏:‏ هم يهود‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال‏:‏ قال أهل الكتاب‏:‏ زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح، فأي ملك أفضل من هذا‏.‏ فأنزل الله هذه الآية ‏{‏أم يحسدون الناس‏}‏ إلى قوله ‏{‏ملكا عظيما‏}‏ يعني ملك سليمان‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عطية قال‏:‏ قالت اليهود للمسلمين‏:‏ تزعمون أن محمدا أوتي الدين في تواضع وعنده تسع نسوة، أي ملك أعظم من هذا‏؟‏ فأنزل الله ‏{‏أم يحسدون الناس‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك‏.‏ نحوه‏.‏

وأخرج ابن المنذر والطبراني من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله ‏{‏أم يحسدون الناس‏}‏ قال‏:‏ نحن الناس دون الناس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏{‏أم يحسدون الناس‏}‏ قال‏:‏ الناس في هذا الموضع النبي صلى الله عليه وسلم خاصة‏.‏

واخرج ابن جرير عن مجاهد ‏{‏أم يحسدون الناس‏}‏ قال‏:‏ محمد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بضع وسبعين شابا، فحسدته اليهود فقال الله ‏{‏أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال‏:‏ يحسدون محمدا حين لم يكن منهم وكفروا به‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية ‏{‏أم يحسدون الناس‏}‏ قال‏:‏ أولئك اليهود، حسدوا هذا الحي من العرب ‏{‏على ما آتاهم الله من فضله‏}‏ بعث الله منهم نبيا فحسدوهم على ذلك‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ‏{‏على ما آتاهم الله من فضله‏}‏ قال‏:‏ النبوة‏.‏

وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏{‏فقد آتينا آل إبراهيم‏}‏ سليمان وداود ‏{‏الكتاب والحكمة‏}‏ يعني النبوة ‏{‏وآتيناهم ملكا عظيما‏}‏ في النساء، فما باله حل لأولئك الأنبياء وهم أنبياء أن ينكح داود تسعا وتسعين امرأة وينكح سليمان مائة امرأة لا يحل لمحمد أن ينكح كما نكحوا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ كان في ظهر سليمان مئة رجل، وكان له ثلثمائة امرأة وثلثمائة سرية‏.‏

وأخرج الحاكم في المستدرك عن محمد بن كعب قال‏:‏ بلغني أنه كان لسيلمان ثلثمائة امرأة وسبعمائة سرية‏.‏

واخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن همام بن الحارث ‏{‏وآتيناهم ملكا عظيما‏}‏ قال‏:‏ أيدوا بالملائكة والجنود‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏وآتيناهم ملكا عظيما‏}‏ قال‏:‏ النبوة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏وآتيناهم ملكا عظيما‏}‏ قال‏:‏ النبوة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فمنهم من آمن به قال بما أنزل على محمد من يهود‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ‏{‏فمنهم من آمن به‏}‏ اتبعه ‏{‏ومنهم من صد عنه‏}‏ يقول‏:‏ تركه فلم يتبعه‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ زرع إبراهيم خليل الرحمن وزرع الناس في تلك السنة، فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم، واحتاج الناس إليه فكان الناس يأتون إبراهيم فيسألونه منه فقال لهم‏:‏ من آمن أعطيته ومن أبى منعته‏.‏ فمنهم من آمن به فأعطاه من الزرع ومنهم من أبى فلم يأخذ منه‏.‏ فذلك قوله ‏{‏فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ‏{‏فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة‏}‏ ومحمد من آل إبراهيم‏.‏

وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموقفيات عن ابن عباس أن معاوية قال‏:‏ يا بني هاشم إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم النبوة، ولا يجتمعان لأحد، وتزعمون أن لكم ملكا‏.‏ فقال له ابن عباس‏:‏ أما قولك أنا نستحق الخلافة بالنبوة، فإن لم نستحقها بالنبوة فبم نستحقها‏؟‏‏!‏ وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله ‏{‏فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما‏}‏‏؟‏ فالكتاب النبوة، والحكمة السنة، والملك الخلافة، نحن آل إبراهيم أمر الله فينا وفيهم واحد، والسنة لنا ولهم جارية، وأما قولك زعمنا أن لنا ملكا فالزعم في كتاب الله شك، وكل يشهد أن لنا ملكا لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين‏.‏ والله أعلم‏.‏

 الآيتان 56 - 57

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ثوبر عن ابن عمر في قوله ‏{‏كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها‏}‏ قال‏:‏ إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودا بيضاء أمثال القراطيس‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف من طريق نافع عن ابن عمر قال‏:‏ ‏"‏قرئ عند عمر ‏{‏كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذقوا العذاب‏}‏ فقال معاذ‏:‏ عندي تفسيرها، تبدل في ساعة مائة مرة‏.‏ فقال عمر‏:‏ هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال‏:‏ ‏"‏تلا رجل عند عمر ‏{‏كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها‏}‏ فقال كعب عندي تفسير هذه الآية، قرأتها قبل الإسلام‏.‏ فقال‏:‏ هاتها يا كعب، فإن جئت بها كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقناك‏.‏ قال‏:‏ إني قرأتها قبل الإسلام ‏{‏كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها‏}‏ في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة‏.‏ فقال عمر‏:‏ هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال‏:‏ بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة ‏{‏كلما نضجت‏}‏ وأكلت لحومهم قيل لهم عودوا فعادوا‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال‏:‏ تأخذ النار فتأكل جلودهم حتى تكشطها عن اللحم، حتى تفضي النار إلى العظام ويبدلون جلودا غيرها، يذيقهم الله شديد العذاب، فذلك دائم لهم أبدا بتكذيبهم رسول الله وكفرهم بآيات الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يزيد الحضرمي أنه بلغه في قول الله ‏{‏كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها‏}‏ قال‏:‏ يجعل للكافر مائة جلد بين كل جلدين لون من العذاب‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال‏:‏ سمعنا أنه مكتوب في الكتاب الأول‏:‏ أن جلد أحدهم أربعون ذراعا، وسنه سبعون ذراعا، وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه، فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودا غيرها‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة بن اليمان قال‏:‏ ‏"‏أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا حذيفة إن في جهنم لسباعا من نار، وكلابا من نار، وكلاليب من نار، وسيوفا من نار، وأنه تبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك الكلاليب بأحناكهم، ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا، ويلقونهم إلى تلك السباع والكلاب، كلما قطعوا عضوا عاد مكانه غضا جديدا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال‏:‏ قال أبو مسعود لأبي هريرة‏:‏ أتدري كم غلظ جلد الكافر‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال‏:‏ غلظ جلد الكافر أربعون ذراعا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن أهل النار يعظمون في النار حتى يصير أحدهم مسيرة كذا وكذا‏.‏‏.‏‏.‏ وإن ضرس أحدهم لمثل أحد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله ‏{‏وندخلهم ظلا ظليلا‏}‏ قال‏:‏ هو ظل العرش الذي لا يزول‏.‏

 الآية 58

أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن أبي طلحة، فلما أتاه قال‏:‏ أرني المفتاح‏.‏ فأتاه به، فلما بسط يده إليه قدم العباس فقال‏:‏ يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجعله لي مع السقاية‏.‏ فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أرني المفتاح يا عثمان‏.‏ فبسط يده يعطيه، فقال العباس مثل كلمته الأولى‏.‏ فكف عثمان يده ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاتني المفتاح‏.‏ فقال‏:‏ هناك بأمانة الله‏.‏ فقام ففتح باب الكعبة، فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما للمشركين - قاتلهم الله - وما شأن إبراهيم وشأن القداح‏؟‏‏!‏ ثم دعا بجفنة فيها ماء، فأخذ ماء فغمسه ثم غمس بها تلك التماثيل، وأخرج مقام إبراهيم وكان في الكعبة، ثم قال‏:‏ يا أيها الناس هذه القبلة، ثم خرج فطاف بالبيت، ثم نزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح، فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح، ثم قال ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ ‏(‏النساء الآية 58‏)‏ حتى فرغ من الآية‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏نزلت في عثمان بن طلحة، قبض منه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة ودخل به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح قال‏:‏ وقال عمر بن الخطاب‏:‏ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة وهو يتلو هذه الآية - فداؤه أبي وأمي - ما سمعته يتلوها قبل ذلك‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم‏.‏ يعني حجابة الكعبة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ أنزلت هذه الآية في ولاة الأمر، وفيمن ولي من أمور الناس شيئا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال‏:‏ نزلت في الأمراء خاصة ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ قال‏:‏ يعني السلطان يعطون الناس‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ قال‏:‏ هي مسجلة للبر والفاجر‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال‏:‏ هذه الأمانات فيما بينك وبين الناس، في المال وغيره‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال‏:‏ إن القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة، يجاء بالرجل يوم القيامة وإن كان قتل في سبيل الله فيقال له‏:‏ أد أمانتك‏.‏ فيقول‏:‏ من أين وقد ذهبت الدينا‏!‏ فيقال‏:‏ انطلقوا به إلى الهاوية، فينطلق فتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه في قعر جهنم، فيحملها فيصعد بها حتى إذا ظن أنه خارج بها، فهزلت من عاتقه فهوت وهوى معها أبد الآبدين‏.‏ قال زاذان‏:‏ فأتيت البراء بن عازب فقلت‏:‏ أما سمعت ما قال أخوك ابن مسعود‏؟‏ قال‏:‏ صدق، إن الله يقول ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ والأمانة في الصلاة، والأمانة في الغسل من الجنابة، والأمانة في الحديث، والأمانة في الكيل والوزن، والأمانة في الدين، وأشد ذلك في الودائع‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏}‏ قال‏:‏ إنه لم يرخص لموسر ولا لمعسر‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول‏:‏ ‏"‏أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك‏"‏‏.‏

وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك‏"‏‏.‏

وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم‏:‏ من إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اتئمن خان‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن ثوبان قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا‏:‏ حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة طعمة‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، ورب مصل لا خير فيه‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة فسلوهما الله عز وجل‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عمر قال‏:‏ لا تنظروا إلى صلاة أحد ولا صيامه، وانظروا إلى صدق حديثه إذا حدث، وإلى أمانته إذا ائتمن، وإلى ورعه إذا أشفى‏.‏

وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج عن ميمون بن مهران قال‏:‏ ثلاثة تؤدين إلى البر والفاجر‏:‏ الرحم توصل كانت برة أو فاجرة، والأمانى تؤدى إلى البر والفاجر، والعهد يوفى به للبر والفاجر‏.‏

وأخرج عن سفيان بن عيينة قال‏:‏ من لم يكن له رأس مال فليتخذ الأمانة رأس ماله‏.‏

وأخرج عن أنس قال‏:‏ البيت الذي تكون فيه خيانة لا تكون فيه البركة‏.‏

وأخرج أبو داود وابن حبان وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن أبي يونس قال‏:‏ ‏"‏سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات‏}‏ إلى قوله ‏{‏كان سميعا بصيرا‏}‏ ويضع إبهاميه على أذنيه والتي تليها على عينه ويقول‏:‏ هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها، ويضع أصبعيه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر قال‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقترئ هذه الآية ‏{‏سميعا بصيرا‏}‏ يقول‏:‏ بكل شيء بصير‏.‏